عندما تكون السلطة في خدمة الفوضى
من المشاهد التي باتت تتكرر في مجتمعاتنا بوتيرة متصاعدة هي رفع يافطات التهنئة والمديح في الشوارع والساحات في كل مرة يتبوء شخص ما موقع مسؤولية ويصبح من اصحاب السلطة والقرار: "رجل بحجم وطن"، "واهالي المنطقة يرحبون بضيفهم الكبير فلان وعلان".. "شكراً دولة الرئيس على تعيين فلان في موقع كذا، وأهالي منطقتنا فخورين بدولتك ومعاليك، وسعادتك وسيادتك، و.. "، وسواها من عبارة التبجيل والمديح التي تحمل في طياتها الكثير من المداهنة والرياء والنفاق (إلا من رحم ربي).
لذا، ثمة سؤال بديهي يتبادر إلى ذهن كل واحد منا. هل رفع اليافطات هو جزء من ثقافة المجتمع أم انه رغبة من جماعة المصالح بالتقرب من جماعة السلطة والحكم وذلك لأجل الحصول لاحقاً على خدمات من هؤلاء غالباً ما تكون مخالفة للقانون؟
ولعل الاجابة على هذه التساؤلات تتلخص بمسألة واحدة وهي ان من يملك السلطة ومفاتيحها يستطيع فعل ما يشاء بغض النظر عن صوابية ما يقوم به وعن موقف القانون منه. لا بل يمكننا القول ان نفوذ صاحب السلطة يزداد بمقدار قدرته على مخالفة القانون سراً كانت المخالفة ام علانية. من يملك السلطة يملك القدرة على تراكم اثرها لديه بصورة متواصلة ما يجعله قادراً على تحقيق المزيد من المكاسب في اي من الميادين التي يشاء الإنخراط فيها.
وبتعدد اوجه السلطة واستخداماتها، من امنية، ومالية، إلى إدارية، ومعنوية وإعلامية واجتماعية وسواها، وبغياب الدولة عن توفير الخدمات العامة للمواطن والتي تعتبر حقاً له، فإن المواطن المغلوب على امره لا يجد سبيلاً لتأمين حاجاته الملحة إلا من خلال اللجوء إلى الاشخاص اصحاب النفوذ القادرين على مساعدته من خلال شبكة العلاقات والمصالح المتبادلة مع شركائهم من جماعة الطبقة الحاكمة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، لطالما وجد مريض نفسه امام حائط مسدود فيما يتعلق بأمكانية حصوله على الاستشفاء المطلوب نظراً لارتفاع الفاتورة الطبية في مقابل عجزه عن الدفع، ما يدفعه لطلب المساعدة من اصحاب النفوذ لمساعدته، فتتأمن حاجة المريض ليصبح لاحقاً مديناً ادبياً واجتماعياً، علماً ان صاحب السلطة احياناً لا يتكبد اية اعباء مادية في هذا المجال.
وآخر يريد بناء بيت بطريقة غير شرعية، او حفر بئر، او ربما ارتكب مخالفة سير، او وضع يده على بعضٍ من املاك الدولة ومشاعاتها، او يريد بناء كشك لبيع القهوة مخالف لأبسط الشروط القانونية المطلوبة. ماذا يفعل هؤلاء؟ جلهم يلجأ إلى شخص "موصول" يؤمن لهم الغطاء المطلوب الذي غالباً ما يكون على حساب المصلحة العامة.
اليس هذا واقع الحال في مدينة طرابلس فيما يتعلق بالعشوائيات التجارية، والسكنية، والمعمارية، والاقتصادية، والاجتماعية؟! اليس هذا واقع الحال في مناطقنا حيث تغطية المخالفات هي الشغل الشاغل لآصحاب السلطة والمصدر الاساس لنفوذهم.
خلاصة القول: هناك مصلحة مشتركة بين المخالفين الذين يشكل القانون عائقاً امام حركتهم وبين اصحاب السلطة الذين يغطون المخالفات سعياً وراء شعبية هم بحاجة لها في محطات انتخابية او سواها.
إنها إحدى تجليات مشهد التخلف في مجتمعنا حيث السلطة والفوضى يتكاملان في علاقة جدلية يتعزز بموجبها مشهد التخلف والركود.
القصة طويلة، وليس هناك من حلول سحرية للخروج من هذه الحلقة الجهنمية.
من المشاهد التي باتت تتكرر في مجتمعاتنا بوتيرة متصاعدة هي رفع يافطات التهنئة والمديح في الشوارع والساحات في كل مرة يتبوء شخص ما موقع مسؤولية ويصبح من اصحاب السلطة والقرار: "رجل بحجم وطن"، "واهالي المنطقة يرحبون بضيفهم الكبير فلان وعلان".. "شكراً دولة الرئيس على تعيين فلان في موقع كذا، وأهالي منطقتنا فخورين بدولتك ومعاليك، وسعادتك وسيادتك، و.. "، وسواها من عبارة التبجيل والمديح التي تحمل في طياتها الكثير من المداهنة والرياء والنفاق (إلا من رحم ربي).
لذا، ثمة سؤال بديهي يتبادر إلى ذهن كل واحد منا. هل رفع اليافطات هو جزء من ثقافة المجتمع أم انه رغبة من جماعة المصالح بالتقرب من جماعة السلطة والحكم وذلك لأجل الحصول لاحقاً على خدمات من هؤلاء غالباً ما تكون مخالفة للقانون؟
ولعل الاجابة على هذه التساؤلات تتلخص بمسألة واحدة وهي ان من يملك السلطة ومفاتيحها يستطيع فعل ما يشاء بغض النظر عن صوابية ما يقوم به وعن موقف القانون منه. لا بل يمكننا القول ان نفوذ صاحب السلطة يزداد بمقدار قدرته على مخالفة القانون سراً كانت المخالفة ام علانية. من يملك السلطة يملك القدرة على تراكم اثرها لديه بصورة متواصلة ما يجعله قادراً على تحقيق المزيد من المكاسب في اي من الميادين التي يشاء الإنخراط فيها.
وبتعدد اوجه السلطة واستخداماتها، من امنية، ومالية، إلى إدارية، ومعنوية وإعلامية واجتماعية وسواها، وبغياب الدولة عن توفير الخدمات العامة للمواطن والتي تعتبر حقاً له، فإن المواطن المغلوب على امره لا يجد سبيلاً لتأمين حاجاته الملحة إلا من خلال اللجوء إلى الاشخاص اصحاب النفوذ القادرين على مساعدته من خلال شبكة العلاقات والمصالح المتبادلة مع شركائهم من جماعة الطبقة الحاكمة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، لطالما وجد مريض نفسه امام حائط مسدود فيما يتعلق بأمكانية حصوله على الاستشفاء المطلوب نظراً لارتفاع الفاتورة الطبية في مقابل عجزه عن الدفع، ما يدفعه لطلب المساعدة من اصحاب النفوذ لمساعدته، فتتأمن حاجة المريض ليصبح لاحقاً مديناً ادبياً واجتماعياً، علماً ان صاحب السلطة احياناً لا يتكبد اية اعباء مادية في هذا المجال.
وآخر يريد بناء بيت بطريقة غير شرعية، او حفر بئر، او ربما ارتكب مخالفة سير، او وضع يده على بعضٍ من املاك الدولة ومشاعاتها، او يريد بناء كشك لبيع القهوة مخالف لأبسط الشروط القانونية المطلوبة. ماذا يفعل هؤلاء؟ جلهم يلجأ إلى شخص "موصول" يؤمن لهم الغطاء المطلوب الذي غالباً ما يكون على حساب المصلحة العامة.
اليس هذا واقع الحال في مدينة طرابلس فيما يتعلق بالعشوائيات التجارية، والسكنية، والمعمارية، والاقتصادية، والاجتماعية؟! اليس هذا واقع الحال في مناطقنا حيث تغطية المخالفات هي الشغل الشاغل لآصحاب السلطة والمصدر الاساس لنفوذهم.
خلاصة القول: هناك مصلحة مشتركة بين المخالفين الذين يشكل القانون عائقاً امام حركتهم وبين اصحاب السلطة الذين يغطون المخالفات سعياً وراء شعبية هم بحاجة لها في محطات انتخابية او سواها.
إنها إحدى تجليات مشهد التخلف في مجتمعنا حيث السلطة والفوضى يتكاملان في علاقة جدلية يتعزز بموجبها مشهد التخلف والركود.
القصة طويلة، وليس هناك من حلول سحرية للخروج من هذه الحلقة الجهنمية.
No comments:
Post a Comment