Sunday, January 15, 2017

الزوجُ والضميرُ الغائب" ُ كتبه صالح حامد

كما يشتهي الرجلُ من زوجته أن يَراها ملكةَ جمالِ العصر،تَهتمُّ به روحاً وجسداً،كذلك الزوجةُ تحْلُمُ زوجاً أنيقاً في كلامه وسلوكه ولباسه ومظهره ومأكله وتعامله وتعاونِه،وهي الحريصة أن تراه ملكاً وأميراً حين يُقبِلُ ويُدْبِر،فتحلو حياتُها منه بلَمْسِةِ حنانٍ ومودَّةٍ ورحمةٍ وإنسانيةٍ،وهو المؤتمن على صحتها وروحها كحرصه على نفسه وحياته،لأنها وصيَّةٌ ربانيةٌ ونبويةٌ (اسْتَوْصُوا بالنساءِ خيرا،ما أكْرَمَهُنَّ إلا كريمٌ،وما أهانَهُنَّ إلاَّ لئيم). ففرض عليه أن يطربَها أطايبَ المعاني العَذْبةِ إذا أصبحَ وإذا أمسى،ويلامس مشاعرَها وأحاسيسَها الجنسية في كلِّ نظرةٍ ولمسةٍ وعند طلوع الشمس وعندَ غروبِها،شاكراً ومديناً لمرأةٍ هيَ الزوجةُ والأمُ وربةُ الأسرةِ والطبيبةُ والمحاميةُ والمهندسةُ والمدرِّسَةُ والمديرةُ والصابرةُ والمحتسِبَة والأخصائيةُ الغذائيةِ والعاملةُ الاجتماعيةِ والمعالجةُ النفسيةِ للأسرة.فليس من الشجاعة معاملَتُها كضابطٍ في ثكنة عسكرية،وأنَّهُ الآمرُ والناهي والقابضُ والباسطُ والسلطةُ المطلقةُ ولا يُناقَشُ في قراراتِه،عندها يصحُّ القولُ فيه أنه فرعونُ ونمرودُ زمانِهِ وَوَحْشُ غابَتِهِ وليس بزوجٍ وإنسانٍ يستحقُّ الحياة.
فمشكلةُ الرجلِ الشرقي في كبريائِه وعنفوانِه وشموخِهِ وجبروتِه التي هي رجولةٌ في غير مكانها وزمانها،والنَّاظِرُ للمرأة على أنها خادمةُ المنزلِ جاريةً لشهوتِهِ الجنسيةِ،وأنَّ حقوقَها تقفَ عندِ حدودِ تأمينِ مأكلِها ومشربِها وملبسِها مسكنِها وطبابتِها دون الاهتمام بحاجاتها النفسية من كلمة تؤنسُ غربتَها ووحشتَها ووحدتِها،متغافلاً مداعبةَ مشاعرِها المهجورةِ والمشعورةِ والمجروحةِ بمثابة القتل العمد.فالمرأة لا يُشبعُها إلاَّ الرومانسية الدافئة بصدق المعاملة الحسنى غير المصطنعة.كما يقال( كلمة بتْجَنِّنْ،وكلمة بِتْحَنَّنْ).
وخصوصاً وأنَّ الدورةَ الشهريةَ تسبِّب لها تداعياتٌ نفسية ٌوعصبيةٌ مما يُحتِّمُ على الزوج مداراتُها واستيعابُها وملاطفاتُها نظراً لتركيبتها البيولوجية،كعذرها له في تحمُّلِ تكاليفِ الحياةِ المُتْعِبَة والشَّاقّة..
فالزوجة التي تخدم بيتَها وترعَى وتُربِّي أسرتَها لتصنعَ مستقبلاً مُنتجاً وناجحاً خالياً من الجهل والتخلُّف والعنف والتكاسل واللامبالاة حريٌّ بالزوج أن يردَّ التحيةَ لها بأحسنَ منها وفاءً وشكراً وتقديراً لجهودِها وتضحياتِها الهادفةِ لبناء جيلٍ غني ومثمر ومجتمعٍ صالحٍ ومُصْلِحٍ ومتصالِحٍ مع نفسه ومحيطِه.وهو المعنيُّ أنْ يجعلَ منها المرأةَ المتميزةَ في إثابت جدارتها،حيث المجتمع ( أفراد وجماعات)بحاجة ماسَّةٍ إلى خبراتها وطاقاتها،وهي الأنجحُ في إدارة المؤسسات العامة والخاصة كما أثبتت الدراساتُ والأبحاث،لتكونَ المنقذَ وخشبةَ الخلاصِ وسفينةَ النجاةِ وشاطئَ الأمان له ولأسرته ولوطنه.وهناك بعض الأزواج يغيب ضميره وتستحضره الغلظة والقسوة في تعامله مع زوجته التي أوصى الله وأنبياؤه بها،فيَعْرِضُ رجولتَه أمامَها بالتعنيفِ اللفظي والجسدي والكلماتِ الجارحة لكرامتها وإنسانيتها التي صانَها اللهُ في شرائعِه.فهناك قانونُ الإمساكِ بمعروفٍ والتسريحِ بإحسانٍ،كما هناك قانونُ الإلتفافِ والإنفِضَاضِ كما في الآية الكريمة {فَبِمَا رحمةٍ من الله لِنْتَ لهم،ولو كنتَ فظَّاً غليظَ القلبِ لانْفَضُّوا من حولِك}.قاعدة عامة في كافة المعاملات بين بني البشرية.
فما من زوجةٍ ناجحةٍ في تخصُّصِها ومسيرتِها إلا وخلفَها زوجٌ مخلصٌ وداعمٌ ومحفِّزٌ لحضورها الجسدي والمعنوي ولإثبات قوَّتِها التي تنحني لها جباهُ الأكاسرة والأباطرة.
ونعلنُها أمامَ العالمِ والرأيِ العامِ أننا مع المرأةِ ظالمةً أو كانتْ أو مظلومةً.

No comments:

Post a Comment